| صنعاء - ناصر قحطان – لندن " عدن برس " : 5 – 1 – 2010 يعيد " عدن برس " نشر مقالة الكاتب ناصر قحطان بعد ترجمتها والتي فند فيها وباللغة الانجليزية قصة القاعدة في اليمن ، والعلاقة بين الرئيس اليمني والتنظيم الإرهابي الذي أستخدمه لابتزاز الخارج وقمع معارضيه في الداخل. لسنوات, تسائل اليمنيين الجنوبيين متى سيقوم الغرب والعالم الحر بمعاقبة علي عبدالله صالح, رئيس ما كان يعرف سابقاً باليمن الشمالي والرئيس الحالي لليمن الموحد بالقوة منذ 1994 بسبب علاقته مع الإرهاب ، آخر ما فكر به اليمنيين الجنوبيين كان ربط حراكهم السياسي بتنظيم القاعدة. لعقود وصف اليمنيين الجنوبيين بأنهم ماركسيين, كفار, غير متدينين وغير مسلمين حتى من قبل التحالف القبلي الديني العسكري الذي يدعم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح منذ اليوم الأول له في القصر الرئاسي.
الجنوب العربي أو ما عرف لاحقاً بجنوب اليمن بسكانه الثلاثة ملايين كان بلداً منفصلاً لمئآت السنين حتى توحد مع الشمال في 1990 في وحدة أكتشف الجنوبيين لاحقاً أنها إحتلال من قبل التحالف الديني القبلي العسكري بسبب أراضيهم الغنية والواسعة نسبياً. عندما حاول اليمنيين الجنوبيين إستعادة إستقلالهم تعرضوا للقمع من قبل القوات الشمالية عام 1994.
حتى 1967 كان الجنوب العربي أو جنوب اليمن تحت الإحتلال البريطاني الذي سمح بهامش من الحرية والحداثة. لاحقاً, بعد الإستقلال, أختار القادة السياسيون للجنوب نظاماً إشتراكياً موالياً للسوفييت, وكان بوضوح معادياً للتطرف.
في الجانب الآخر, في شمال اليمن أو ما كان يسمى سابقاً بالمملكة المتوكلية اليمنية بسكانه ال18 مليون, حكم الأئمة -قادة دينيون- البلد لأكثر من ألف عام. تأسست عميقاً ثقافة دينية سياسياً وإجتماعياً في شمال اليمن حتى بعد ثورة اليوم الواحد عام 1962 التي أستبدلت نظام الإمام بنظام آخر حافظ على نفس المكونات.
قادة القبائل, القادة الدينيون وقادة الجيش كانوا على الدوام أركان النظام السياسي في شمال اليمن بغض النظر عن إسم البلد الذي يختارونه لأنفسهم.
يعتبر إعتماد علي عبدالله صالح على القادة المتطرفين لقمع أعداءه السياسيين حقيقة معروفة تقريباً لجميع اليمنيين. فقد أستخدمهم بين عامي 1990 و 1994 لإغتيال معارضيه الجنوبيين الليبراليين, واستخدمهم بعد ذلك في حربه على الجنوب عام 1994 كما أنه يستخدمهم خلال السنوات الخمس الماضية ليحاربوا مع جيشه الممزق ضد الثوار الشماليين الحوثيين في شمال اليمن. تم إختيار بعض من المجاهدين السابقين ليصبحوا قيادات كبيرة في حزب صالح الحاكم. في الحقيقة, أحدهم وهو عبدالمجيد الزنداني الموجود على قائمة المطلوبين للولايات المتحدة الأمريكية أختاره صالح ليكون العضو الخامس في مجلسه الرئاسي المكون من خمسة أعضاء في اليمن الموحد عام 1990.
عبدالمجيد الزنداني: على الرغم من أنه على قائمة المطلوبين للولايات المتحدة بسبب علاقته بأسامه بن لادن الذي يعتبر الزنداني "أستاذه الروحي" حافظ الزنداني على علاقة قوية بصالح. فمن أجل أن يتجنب القبض عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية, عرض صالح على الزنداني "توصيلة" في طائرته الرئاسية لحضور عزاء الملك فهد في السعودية عام 2005, وكانت رحلة ذهاب وعودة مجانية وآمنة. كان الزنداني على الدوام الذراع الديني لصالح في جميع صراعاته. على وجه الخصوص, دعم الزنداني صالح في حربه ضد الجنوبيين "الكفار" عندما قرروا أن يستعيدوا هويتهم وبلدهم. يملك الزنداني ويدير جامعة دينية غير خاضعة للرقابة الحكومية في اليمن. جامعة الإيمان. ويختار هو بنفسه طلاب الجامعة ومدرسيها ويخضعون فيها لتعليم ديني لسبع سنوات قبل أن يعتمدهم كشيوخ. في 14 فبارير 2004 صنفت وزارة الخزانة الأمريكية الزنداني بشكل خاص على أنه إرهابياً عالمياً. قالت الإدارة أنها لديها أدلة ذات مصداقية على أن للزنداني تاريخ طويل من العمل مع بن لادن, وبشكل خاص كواحد من قادته الروحيين. الأمر التنفيذي رقم 13224 للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في 23 سبتمبر 2001 وصف الزنداني بأنه شخص يهدد بتنفيذ أو بدعم الأرهاب. ذكر إسم الزنداني في قائمة الأمم المتحدة 1267 للأفراد ذوي العلاقة بالقاعدة.
جمال البدوي: هو أيضاً على القائمة الأمريكية للمطلوبين بسبب علاقته المباشرة بقتل 17 جندياً أمريكياً في التفجير الإنتحاري ضد المدمرة الأمريكية يو إس إس كول في أكتوبر 2000. تمكن جمال من الفرار من سجن الأمن السياسي اليمني مرتين وتعتبر سجون الأمن السياسي الأسوء والأشد حراسة في اليمن. بعد فراره الثاني سلم نفسه للرئيس علي عبدالله صالح الذي أطلق سراحه مقابل وعده بأن يحسن السلوك. خصصت الإف بي آي خمسة مليون دولار مقابل القبض على البدوي. عندما سأل مدير الإف بي آي الرئيس اليمني عن وضع البدوي عند زيارته لليمن "صالح لم يقدم أي إجابات واضحة عن المشتبه جمال البدوي, تاركاً مولر غاضباً ومحبطاً جداً" كمال قال أحد المصادر الذي أضاف " أنه نادراً ما يرى مدير الإف بي آي المتحفظ عادة بهذا الدرجة من الإستياء" النيوزويك. 5 مايو 2008, المأزق المتوتر في اليمن, بقلم مايكل إيسكوف.
جبر البنا: وهو مواطن أمريكي يمني أعتبرته الإف بي آي بأنه الداعم الأساسي لخلية ليكوانا القاعدية (والمعروفة بليكوانا سيكس أو خلية بافالو) وهي مجموعة من ستة أمريكيين يمنيين أدينوا بتوفير مواد للقاعدة. أعتبر البنا العضو الأكثر خطورة في الخلية. في 23 فبراير 2006 أكد الإف بي آي هروب البنا ونشر إعلان وطني سماه كواحد من الإضافات الحديثة على قائمة كبار المطلوبين للإف بي آي. عرضت إدارة الولايات المتحدة خمسة مليون دولار لأي معلومات ستؤدي إلى القبض عليه. وهو أيضاً بعد هروبه من السجن سلم نفسه لصالح الذي أطلق سراحه. لاحقاً, فاجئ البنا القضاة في محكمة يمنية بفتحه باب قاعة المحكمة ودخوله إليها مع حراسه لإخبار القضاء أنه لا يمكن القبض عليه لأنه يملك "كلمة" الرئيس. تمكن البنا من مغادرة المحكمة بأمان.
ضباط؟ إرهابيين؟ أو كليهما؟ في 2006, خلال الإنتخابات الوحيدة الأقرب للحقيقية اتي خاضها صالح خلال بقائه لمدة 3 عقود في القصر الرئاسي وقف صالح علناً أمام مئآت الالاف من أنصاره وأمام ممثلي الإعلام وأراهم صورة لشخص أدعى صالح أنها لإرهابي يدعم منافسه الجنوبي فيصل بن سملان المعروف بسمعته الطيبة وبنظافة يديه في واحد من أكثر دول العالم فساداً. لاحقاً, كشف أن الرجل كان ضابط شرطة وقال أنه سيقاضي صالح. في الشهر الماضي, رجل يدعى محمد عُمير ظهر على قناة الجزيرة وقال أنه عضو في القاعدة مشاركاً في فعالية للإنفصاليين الجنوبيين, لاحقاً, كشف أن الرجل هو إبن قائد أمن محافظة شبوة, ولم تعلق الحكومة.
أسلحة أمريكية منحت لليمن وجدت مع إرهابيين: إستناداً إلى جين نوفاك, وهي محللة متخصصة في الشأن اليمني مقرها الولايات المتحدة فأن " الأرقام المتسلسلة لقطعتي سلاح استخدمت في الهجوم على السفارة الأمريكية في السعودية تم تتبعها إلى وزراة الدفاع اليمنية" كما قالت نوفك أيضاً في مقالها: تهريب مخدرات, تهريب أسلحة وجرائم أخرى المنشور على موقعها في 12 أكتوبر 2005 أن "كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة قد أظهرتا قلقهما من حجم إنتقال الاسلحة الغير شرعية من اليمن. لخط أنابيب السلاح اليمني مصدران: السوق السوداء ومشتريات الأسلحة المشروعة". أن إعطاء السلاح للقبائل هي طريقة يستخدمها صالح بشكل رسمي للإعتذار للقبائل المستاءة أو للحصول على دعمها. أن هذه الممارسة يتم تغطيتها غالباً, ففي أحد المرات أعلنت وزارة الدفاع اليمنية أنها تحقق في "إختفاء" 600 قذيفة هاون من مخازن الجيش في محافظة المهرة الحدودية.
هروب القاعدة الكبير: عن طريق حفر نفق بإستخدام ملاعق بلاستيكية فقط, أعلنت اليمن عن هروب 23 من أعضاء القاعدة منهم 13 من قادة القاعدة من أحد أكثر سجون اليمن حراسة, قدر طول النفق ب 140 متراً. أطلقت الشرطة الدولية إنذاراً عالمياً وصفت الهاربين ب"الخطر لجميع الدول". قائد السجن السابق ومساعده تم إعفاؤهم قبل أسبوعين من الهروب. عندما سؤل مسؤول يمني عن كيفية تمكن الهاربين من التنفس في نفق طويل كهذا, أجاب بأنهم استخدموا كرات القدم التي كانوا يلعبون بها في السجن كمصدر للأوكسجين. إعلن صالح في وقت لاحق بأنه على "إتصال" بالهاربين وأن الأمور تحت السيطرة.
استخدم صالح تقريباً جميع المتصلين بالإرهاب المذكورين أعلاه في صراعاته ضد أعداءه. مشاركتهم كانت واضحة في حرب صالح ضد الجنوب في 1994. بدأ صالح حملة لتجميع المقاتلين ليقاتلوا في الجنوب على قاعدة إرجاع الجنوب إلى الإسلام لأنهم قد "تلوثوا بالإشتراكية والإحتلال البريطاني". يستخدم صالح مقاتلي القاعدة في حربه ضد الثوار الحوثيين في شمال البلد. وصف صالح باستمرار الانفصاليين الجنوبيين والثوار الشماليين بأنهم كفار, وهي الكلمة التي تضغط على زر تشغيل عناصر القاعدة.
من الواضح أن كل من يقف ضد صالح عليه أيضاً الوقوف أمام مقاتلي القاعدة, ومع ذلك سوف يتهم بعلاقته بالقاعدة في نفس الوقت. قد يبدو الأمر غير منطقي, لكن هذا هو ما يحدث. على الولايات المتحدة وحلفاءها أن يفهموا أن الدعم الذي يقدمونه لصالح سيصل في نهاية المطاف إلى القاعدة. أنهم لا يحاربون القاعدة عن طريق دعم صالح لقمع أعداءه. أنهم يرسلون الرسالة الخاطئة للمنطقة بدعهمم لطاغية يعمل على قمع شعبه بمساعدة الإرهابين منذ ثلاثة عقود. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق